بقلم : طارق بدراوى
ويطلق عليه أيضا إسم دار أوبرا الإسكندرية وكان يطلق عليه في الزمن الماضي إسم تياترو محمد علي وهو الإسم الذى لايزال مدونا علي اللوحة التأسيسية له الموجودة على واجهته الرئيسية وهذا المسرح يعد حاليا هو مسرح الاحتفالات الرسمي والرئيسي في مدينة الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط والعاصمة الثانية لمصر وقد أطلق عليه إسم مسرح سيد درويش عام 1962م تكريما له وتقديرا علي أعماله في مجال تحديث وتطوير الفنون الموسيقية في مصر وقد بدأ بناء هذا المسرح عام 1918م وتم افتتاحه عام 1921م في عهد السلطان فؤاد الأول قبل أن يصبح لقبه الملك فؤاد الأول عام 1922م والذى كانت له اهتمامات تعليمية وثقافية عديدة حتي قبل أن يصير سلطانا ثم ملكا فقد شارك في تأسيس الجامعة الأهلية مابين عام 1907م وعام 1908م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني والتي تحولت في عهده إلي جامعة فؤاد الأول سابقا جامعة القاهرة حاليا كما تم في عهده أيضأ تأسيس معهد الموسيقى العربية والمتحف الزراعي ومتحف سكك حديد مصر ومجمع اللغة العربية والعديد من المدارس الثانوية والعليا بالإضافة إلي تأسيس الإذاعة المصرية والتي بدأ إرسالها يوم 31 مايو عام 1934م ويعتبر هذا المسرح هو ثاني دور الأوبرا في مصر من حيث تاريخ الإنشاء بعد دار الأوبرا الخديوية التي بناها الخديوى إسماعيل عام 1869م واحترقت للأسف بالكامل في شهر أكتوبر عام 1971م بعد أن ظلت منارة للفن الرفيع الراقي طوال 102عام وقد أعيد بناؤها من جديد في مكان آخر بأرض المعارض القديمة بجزيرة الزمالك بالقاهرة بالتعاون مابين الحكومة المصرية والحكومة اليابانية وتم افتتاحها رسميا للجمهور في شهر أكتوبر عام 1988م
والموسيقار سيد درويش الذى يطلق إسمه علي هذا المسرح يلقب بفنان الشعب وقد ولد وتشأ في حي كوم الدكة بالإسكندرية يوم 17 مارس عام 1892م وتزوج في سن صغيرة وهو في السادسة عشر من عمره وأصبح مسؤولا عن عائلة وحاول أن يعمل مع الفرق الموسيقية ولكنه لم يوفق فاضطر أن يعمل عامل بناء وفي أثناء العمل كان يرفع صوته بالغناء فكان العمال من زملائه وأصحاب العمل يعجبون به وكان هناك مقهي بجوار موقع العمل الذى يعمل به ويشاء القدر أن يأتي إلى هذا المقهي الأخوان أمين وسليم عطا الله وكانا من أشهر المشتغلين بالفن في مصر حينذاك فسمعاه واعجبهما صوته بجماله وحلاوته فكان أن اتفقا معه علي ان يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام في أواخر عام 1908م وبعد ذلك سافر في رحلة أخرى إلى الشام عام 1912م وأقام هناك سنتين وعاد إلى مصر عام 1914م بعد أن تعلم أصول العزف علي العود وكيفية كتابة النوتة الموسيقية وبدأت موهبته الموسيقية تبزغ وتتفجر وقام بتلحين أول أدواره الموسيقية يافؤادى ليه بتعشق عام 1917م وقام بالانتقال الي القاهرة وفيها سطع نجمه وكثر إنتاجه الموسيقي وأصبح من كبار الملحنين وتعامل مع كافة الفرق المسرحية الكبيرة التي كانت مسارحها بشارع عماد الدين الذى كان يعتبر شارع الفن الأول في مصر في ذلك الوقت وتوجد به مسارح الفرق الشهيرة أمثال فرقة نجيب الريحاني وفرقة جورج أبيض وفرقة علي الكسار وفي هذه الفترة قامت ثورة عام 1919م في وجه المحتل الإنجليزي فبدأ سيد درويش يلحن الأغاني الوطنية التي كان يتغنى بها أفراد الشعب مثل قوم يامصرى وبلادى بلادى وأنا المصرى وغيرها مما كان له اثرا كبيرا في تغذية واذكاء روح الوطنية لدى أفراد الشعب الثائر وكان سيد درويش أول من ادخل مايسمي بالغناء البوليفوني في مصر في العديد من الأوبريتات التي قام بتلحينها مثل أوبريت العشرة الطيبة وأوبريت شهر زاد وأوبريت الباروكة ولم يعمر سيد درويش طويلا فقد توفي في ريعان الشباب يوم 10 سبتمبر عام 1923م عن سن بلغت حوالي 31 سنة ونصف السنة عمل منها حوالي 15 سنة في مجال الفن ومع هذا ففي خلال هذا العمر الفني القصير فقد قام بتلحين وغناء عدد 40 موشحا وعدد 100 طقطوقة وهو لون من الغناء كان سائدا في ذلك الوقت وعدد 30 مسرحية وأوبريت إلى جانب العشرات من الأدوار الغنائية ولذلك قامت الدولة بتكريمه وتخليد إسمه في مسقط رأسه فاطلقت إسمه علي دار أوبرا الإسكندرية
وقد تم تصميم المبني على الطراز المعمارى المعروف بإسم الطراز الأيوني Ionic Style علي يد المهندس المعمارى الفرنسي الشهير جورج بارك والذى استوحي تصميمه المعمارى من تصميم دار أوبرا فيينا بالنمسا ومسرح أوديون بباريس ونجد به زخارف أوروبية كلاسيكية تزينه وكانت سائدة في تزيين المنشآت العامة في ذلك الوقت وتبلغ سعة مسرحه الكبيرحوالي 1000 مقعد وتبلغ مساحته حوالي 4200 متر مربع ومكانه بشارع فؤاد بمنطقة محطة الرمل وكان أول ماعرض عليه هو أوبريت شهر زاد يوم 30 يونيو عام 1921م وقد تم تسجيل المبني كأثر تاريخي عام 1999م وبعدها تم تجديده وتطويره وتحديثه علي نفس طراز بنائه الأصلي القديم بقرار من وزير الثقافة المصرى حينذاك فاروق حسني واستغرقت هذه العملية حوالي عام ونصف العام وتم إعادة افتتاحه وإستئناف العروض الفنية علي خشبته في يوم 27 يناير عام 2004م في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك
وقد قامت العديد من الفرق المصرية والعالمية بتقديم عروضها عليه مثل أوركسترا القاهرة السيمفوتي وأوركسترا الحجرة لأوبرا الإسكندرية وفرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقي والغناء العربي والفرقة القومية العربية للموسيقي والأوركسترا الفيلهارموني غير العديد من الفرق الفلولكلورية والغنائية والأوبرالية العديدة من داخل وخارج مصر وجدير بالذكر أن الدخول إلي هذا المسرح شأنه شأن جميع دور الأوبرا في كل دول العالم بما فيها دار الأوبرا المصرية بالقاهرة يكون بالملابس الرسمية الكاملة .